السبت، 29 أكتوبر 2011

الشعب وأنظمة الحكم ... ومستقبل مصر






23 يوليو, 2011

الشعب وأنظمة الحكم ... ومستقبل مصر





الشعب وأنظمة الحكم ... ومستقبل مصر
إن منظومة الحكم في مصر قد ظلت لغزواً محيرا منذ القدم وحتى يومنا هذا , فعلاقة الحاكم والشعب في مصر ظلت على امتداد التاريخ تحجبها حواجز أمنية تارة , ونظامية تارة , وثقافية تارة , وعقائدية تارة , وطبقية تارة أخري , وهذا ما جعل من الحاكم المصري رمزاً يتميز بالخصوصية المطلقة في الدولة المصرية على امتداد تاريخها , كما جعل منه إنساناً مهاب الاسم والمنصب والمكانة وقد وصلت مكانته في أزمان سالفة لدرجة التقديس وذلك لكون الحاكم في مصر هو الأمر بأمره ولا يرد له قولاً أو طلب أو أمرا ولو كانوا خاطئين أو مخالفين , كما أن الشعب المصري على امتداد التاريخ وحتى يومنا هذا هو من صنع حكامه بل هو من سلطن سلاطينه وهو من ملك ملوكه كما أنه هو من صنع الفرعون في مصر , وهذا ما تجلت مظاهره وملامحه في آخر حكام مصر السابقين وهو النظام المتخلي السابق والذي كان أسطورة في الجهالة والغباء والاستئثار والإستحواز بالسلطة على حساب الانتقاص من مكانه وطنه والتبديد بمقدرات شعبه , فقد إستهون النظام السابق بمكانة مصر وهمش تاريخها وأمجادها وعبد بني وطنه وأستخف بقومه وارهب شعبه في معتقلات أجهزة أمنه القهرية , وظل هذا النظام البائد حيناً من الدهر يحكم بأمره ويهمش ويغيب الشعب حتى آخر زمان حكمه بالأمس القريب , وظل الشعب المصري يعيش ويتعايش مع الأوضاع المتردية المحيطة به مستسلماً لأقداره ومسالماً لحكامه وصابراً على معاناته ومآسيه وآلامه , وهذا ما جعل من دويلات وقطيرات مجهولة أبي التاريخ أن يذكرها أو يسجلها في صفحاته أن تطمع في مكانة وريادة وقيادة مصر التاريخية , كما جعل من شعوب ظلت بلا هوية عرقية وبلا مرجعية مجتمعية وبلا أوطان تاريخية وقد ظلت هذه الشعوب مشرذمة في وديان الأرض منذ وجودها ونشأتها وهي تعيش في أشكال جماعات أو قبائل رحالة تائهة , وهذه الشعوب المجهولة الهوية والتاريخ قد حلت بها هواجس مرضية فأخذت تستعبد وتستذل وتستهين بمكانة وكرامة الإنسان المصري العظيم صانع التاريخ سواء كان عالماً أو مفكراً أو أستاذا جامعياً أو مهندساً أو طبيباً أو متخصصاً أو مهنياً أو عاملاً أو غيرهم من المصريون أينما حلواً واستوطنوا في ديار تلك الشعوب صنيعة النفط والغاز وغيرها , هنالك دقت ساعة الخلاص والحساب واليقظة والنهوض للشعب المصري فاندلعت ثورة الشعب المصري في 25 يناير لتعيد للإنسان والشعب المصري سيادته وكرامته وريادته على الشعوب والأمم والتي ظلت مفقودة حيناً من الدهر والتي أهدرها وبددها النظام السابق , فقد انصرف النظام السابق عن ممارسة مهام حكمه التي تركها لوريث عرشه الذي شيد حوله ميلشيات من المنتفعون والمتصارعون والإقصائيون الذين تناحروا فيما بينهم للتقرب من وريث الحكم وأهدروا بل وظفوا مؤسسات الدولة لخدمة أهدافهم ومآربهم حتى أصبحت جميع المؤسسات لا تعني بتطوير وتحديث أعمالها وخططها وبرامجها بقدر ما تكرس وترسخ واجباتها ومهماتها في التقرب من المؤسسات الرئاسية وكذا التقرب من وريث الحكم القادم لمصر وهذا ما هشهش وهلهل وفرغ جميع مؤسسات الحكم من عناصر وأسس ودعائم مهماتها الوطنية والخدمية والإنتاجية وغيرها , كما أن جميع أجهزة الأمن وجميع مؤسسات الدولة قد تم إسقاطها في ثورة 25 يناير المجيدة , والتي برهنت أنه كلما زادت معاناة الشعب وكلما صب حنقه وبأسه وغضبه ولعانته علي منظومة الحكم ومؤسساتها الحاكمة وأعوانهم وأزلامهم من المنتفعون , كلما قربت ساعة الخلاص ودقت ساعة الإنتفاضة والثورة الشعبية , كما أنه كلما زادت قوي الشعب توحداً وتماسكاً وتعاوناً كلماً زادت منظومة الحكم ومؤسساتها ضعفاً وتفككاً وهشاشة وإنهياراً , وهذه هي أهم ملامح وأسباب نجاح ثورة 25 يناير .
من هنا فإن فإن فساد النظام وفشل إدارته وكذا طول أمده في الحكم والسلطة إضافة لوحدة وتماسك وترابط الشعوب في مواجهة الأزمات والإضطهاد والقمع والإستبداد هما أهم أسباب نجاح الثوارات الشعبية , كما أنه بداية سقوط أنظمة الحكم الفاشية والإستعبادية والإستبدادية وهذا ما حققته ثورة 25 يناير المصرية , فاللهم إحفظ وحدتنا وترابطنا , واللهم إحفظ مصرنا الحبيبة من كل مكروه وسؤ .
أستاذ دكتور مهندس / حسن صادق هيكل
Email :hssnsadek@yahoo.com

0 التعليقات:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق