السبت، 29 أكتوبر 2011

من وراء صراع ميادين الثورة في مصر ؟

 



 

27 يوليو, 2011

من وراء صراع ميادين الثورة في مصر ؟

من وراء صراع ميادين الثورة في مصر ؟

إن ثورة مصر قد وحدت وألفت بين طوائف وأطياف المجتمع والشعب المصري على كلمة سواء وهي إسقاط منظومة الحكم المصري الفاسدة التي عثت في الأرض فساداً وتخريباً ودماراً وخراباً , كما أن جميع أطياف وطوائف المجتمع والشعب المصري  تآلفت وتوحدت فيما بينها وحاصرت عوامل الخلاف والاختلافات الإيديولوجية والثقافية والاجتماعية والطبقية والبينية من أجل إعلاء أهداف الثورة المصرية الخالدة , وهذا ما أفرز للعالم ثورة شاملة ومتكاملة جميع الأركان والملامح الثورية المثالية , لذا فإن أهم عوامل نجاح الثورة المصرية يكمن في وحدة ائتلافات الشعب والمجتمع المصري , كما أن أخطر وأهم أسباب تبديد مكتسبات الثورة المصرية هو التحزب والتشيع والانقسام والتشرذم والصراعات والطائفية الثورية , علماً بأن الحركات الثورية لاتتحول مطلقاً لحركات سياسية أو دينية , كما أن السياسيون لايتحولون مطلقاً لثوار , كما أن الثوار لايتحولون مطلقاً لسياسيون , فإذا ما حدثت تلك التحولات لفشلت كل حركة وفشل كل ناشط فيما ذهب وتحول إليه , وهذا الاختلاف والصراع المدمر بين تكتل وحدة ائتلافات المجتمع والشعب المصري قد كان من نصيب ميادين مصر ومنها ميدان التحرير , وميدان رمسيس , وميدان مصطفي محمود , وغيرها , فهل ظهرت في المشهد المصري ثقافة الميادين المحركة للشارع المصري ؟ , وهل تحقق احتجاجات الميادين المتصارعة استقرار وسلامة وأمن وتطور وتقدم الوطن والأمة المصرية الخالدة ؟ , وهل هناك نوعاً من أنواع بداية السقوط فلي الحروب الطائفية والمذهبية التي تتعارض مع أهم أهداف الثورة المصرية , كما تتعارض مع توجهات ورغبات القاعدة والأغلبية العريضة والصامتة من الشعب المصري التي تعتبر هي قاعدة الاتزان والاستقرار للوطن والأمة المصرية والتي سوف تحسم جميع الصراعات وتذيب جميع الاختلافات وتبدد جميع المؤامرات الداخلية والخارجية الهادفة لتخريب وتدمير وإسقاط مصر , كما ستحسم القاعدة والأغلبية الصامتة الصراع لصالح المواطن المصري البعيد عن مشهد الصراع الإيديولوجي والسياسي والمصلحي في مصر , من هنا فإن ملامح ومظاهر صراع ميادين الثورة في مصر , وكذا مستقبل الثورة يتضمن الأتي :
أولاً : الفجوة المعلوماتية والتنسيقية والحوارية الهائلة بين المجلس العسكري الحاكم لإدارة البلاد المصرية وبين الشعب المصري وجميع ائتلافات ومكونات الثورة المصرية , ويتضمن الأتي :
- عدم وجود خطة طريق مستقبلية معلنة لمصر ما بعد الثورة لدي   المجلس العسكري يتم دراستها والتحاور بشأنها مع الشعب وجميع   مكونات الثورة الممثلة رمزياً للشعب المصري .
- غياب المعلومات والحقائق والوثائق الدالة والموثقة لحجم ونوع   الفساد والتهريب والاستغلال الذي مارسه النظام السابق وأعوانه تجاه   مقدرات وممتلكات الشعب المصري .
- عدم مكاشفة الشعب بحقائق المتآمرون على إفساد وتخريب وتدمير    وتهريب ونهب ثروات مصر ومقدراتها وتاريخها .
- هناك نوعاً من الإقصاء والإبعاد والتغييب والتهميش للشعب المصري    وممثليه الرمزيون عن المشاركة في حكم وإدارة البلاد المصرية .
- هناك نوعاً من الإستعلاء والتمييز من قبل المجلس العسكري تجاه    وحيال الشعب وممثليه الرمزيون حيال وضع خطة طريق مستقبلية    لمصر ما بعد الثورة الخالدة ؟
- هناك نوعاً من الوصاية من قبل المجلس العسكري علي الشعب وثورته    المجيدة وليس نوعاً من المشاركة والتعاون من أجل مستقبل مصر .
- هناك نوعاً من التواطؤ والتباطؤ والتلكؤ من قبل المجلس العسكري في    ملاحقة الفاسدون والمخربون والإجراميون والمهربون في مصر ؟ .
- هناك نوعاً من التواطؤ والتباطؤ والتلكؤ الشديدين من قبل المجلس    العسكري في ملاحقة ومحاكمة قتلة الثوار المصريون .
- هناك نوعاً من التواطؤ والتباطؤ والتلكؤ من قبل المجلس العسكري في    محاكمة النظام السابق وأعوانه وهذا ما خلق نوعاً من الشكوك الريبة    لدي الشعب والثوار حيال جدية المجلس العسكري في محاكمة النظام    السابق وأعوانه , وهذه الريبة وتلك الشكوك هي أهم وأسباب تجلي    ظاهرة ميادين الاحتجاجات الشعبية والثورية في مصر .
- هناك غموض كامل وشامل في حقيقة استمرار العلاقة البينية بين    المجلس العسكري والنظام السابق وأعوانه , وهناك تساؤلات    جماهيرية وشعبية أهمها :هل سيتم محاكمة النظام السابق وأعوانه أم    سيتم تعويم وتمديد القضية وتنييم وتغييب الشعب ؟ , وهذا ما يفجر    صراع ميادين الاحتجاجات في مصر .
- هناك غموض وتغييب كامل وشامل عن حقيقة ومسار ومصير الأموال    والثروات المصرية المنهوبة والمسروقة والمهربة للخارج من قبل   النظام السابق وأعوانه .
- هناك تلكؤ وتباطؤ شديدين من قبل المجلس العسكري في تنفيذ جميع    أهداف ومطالب الثورة المصرية .
- هناك غياب للتمثيل الشامل لجميع مكونات أطياف وحركات وجماعات    الشعب وائتلافات الثورة والتيارات الحزبية والسياسية والدينية    والإيديولوجيات المختلفة في الحوار الوطني .
- هناك فقر شديد في المعلومات لدي الشعب والثوار وجميع أطياف    المجتمع عن برامج وخطط المجلس العسكري الآنية والمستقبلية لرسم      خريطة طريق مستقبل مصر .
- هناك فجوة هائلة بين ثوار ثورة شعبية لها مطالب وأهداف ثورية ولا    يحكمون , وبين حكام يحكمون وغير ثوريون وليس لديهم خطط    وبرامج ثورية وينحدرون من إدارة نظام سابق قد أسقطه الشعب ,    وهذا ما يشعل ويفجر الصراع والخلاف الدائم بين الثوار والمجلس    العسكري الحاكم لإدارة البلاد المصرية .
ثانياً : ترسيخ ثقافة الائتلافات الانفصالية والانقسامية ذات الأهداف والمطالب الإيديولوجية والثقافية والفكرية والفئوية والاجتماعية وغيرها , وتشمل الأتي :
- ترسيخ وتكريس ثقافة ائتلافات الجماعات الليبرالية المطالبة بدولة ليبرالية , وكذا نشر الفكر الليبرالي في المجتمع المصري وإقصاء الائتلافات الأخرى .
- ترسيخ وتكريس ثقافة ائتلافات الجماعات الدينية والإسلامية المطالبة بدولة إسلامية , وكذا نشر الأفكار الإسلامية حسب كل تيار ومذهب ومنها الفكر السلفي , والفكر ألإخواني , والفكر السني , وغيرها .
- ترسيخ وتكريس ثقافة ائتلافات الجماعات العلمانية المطالبة بدولة علمانية , وكذا نشر الفكر والثقافة العلمانية في المجتمع المصري .
- ترسيخ وتكريس ثقافة ائتلافات الوحدة الوطنية المطالبة بدولة مدنية , وكذا نشر ثقافة المواطنة في المجتمع المصري .
- ترسيخ وتكريس ثقافة ائتلافات الثورة المطالبة بحكومة ثورية تعبر عن الثورة , وكذا نشر ثقافة الثورة في المجتمع المصري .
- ترسيخ وتكريس ظاهرة الائتلافات الفئوية , ومنها ائتلاف ضباط الشرطة , وائتلاف أطباء مصر , وائتلاف مهندسون مصر , وغيرها والمطالبون بتحسين الأجور وتعديل لوائح العمل المختلفة .
- تجلي ظاهرة الائتلافات المنشقة والائتلافات المضادة , والتي تسعي لتبني أهداف ومطالب جديدة أو معارضة لأهداف ومطالب ائتلافات قائمة , وكذا تبني إدارة وقيادة كل ائتلاف لأهداف الثورة المصرية دون غيره من الائتلافات الأخرى مما خلق نوعاً من فوضي الائتلافات .
- تجلي ظاهرة صراع الائتلافات وصدام الإيديولوجيات الدينية والليبرالية والعلمانية علي حساب إقصاء وتهميش أهداف ومطالب الثورة الحقيقية والتي قامت الثورة من أجلها .
- تجلي ظاهرة الإيديولوجيات والائتلافات السياسية وغيرها على حساب الأفكار والمعتقدات الثورية والعقائدية .
- تهميش مساحات الاتفاق بين الإيديولوجيات والائتلافات المختلفة وترسيخ وتكريس مساحات الاختلافات والصراعات فيما بينها .
ثالثاً : ترسيخ ثقافة ميادين الصراعات والاحتجاجات والإعتصامات والثورات , وتتضمن الأتي :
- ترسيخ ثقافة ميادين الثورة المطالبة بتحقيق جميع أهداف ومطالب الثورة , ومن أشهرها ميدان التحرير وجميع ميادين محافظات مصر .
- ترسيخ ثقافة ميادين الاحتجاجات والإعتصامات , ومن أشهرها ميدان التحرير وجميع ميادين مصر المطالبة بالضغط على المجلس العسكري لتحقيق أهداف الثورة ومطالبها الرئيسة .
- تجلي ظاهرة ميادين المعارضة والصراعات , ومن أشهرها ميدان مصطفي محمود , وميدان رمسيس والمطالبة بعدم محاكمة الرئيس السابق وأعوانه , كما تطالب باستمرار رموز النظام السابق في ممارسة مهام أعمالهم السابقة , كما تدعو لإقصاء وإزالة ميدان التحرير كرمز للثورة المصرية .
- تجلي ظاهرة ميادين الإيديولوجيات الدينية , ومن أشهرها ميدان رمسيس والمطالبة بفرض فكر وثقافة إيديولوجية ودينية على المشهد السياسي والثقافي المصري , وكذا إقصاء بل اتهام الميادين الأخرى بمخالفات أخلاقية ودينية وعقائدية .
- تجلي ظاهرة ميادين الموالاة والأغلبية الصامتة , والتي تهدف لمؤازرة ومحالفة المجلس العسكري , وهذه الجماعة غير فاعلة في المشهد السياسي ولكنها أكثر فاعلية وتأثيراً في المشهد الثوري المصري .
من هنا فإن مصر قد دخلت عملياً وتطبيقياً في معترك وصراع وتنافس ثقافي وفكري وإيديولوجي وسياسي واقتصادي واجتماعي محلي وإقليمي وعالمي , وهذا ما قد يعصف ويزلزل المجتمع المصري بأسره زلزالاً شديداً وهذا يتطلب بدوره وضع خطط وإستراتيجيات شاملة وكاملة لإدارة توجهات مصر في المرحلة القادمة تمهيداً للدخول بمصر في عصر النهضة والتقدم التكنولوجي والثقافي والحضاري , كما يتطلب هذا ضرورة وحتمية دمج وتفاعل وتحاور الثقافات والإيديولوجيات والسياسات المجتمعية علي قاعدة وطنية واحدة هدفها وحدة النسيج الاجتماعي والوطني لمصر , وكذا التعايش السلمي الآمن بين جميع أطياف المجتمع المصري , وكذا تفعيل مبادئ العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة والديمقراطية لجميع المصريين دون تمييزاً أو تفرقة علي أسس دينية أو مذهبية أو طائفية وذلك في ظل دولة إسلامية مدنية ديمقراطية دستورية جمهورية تعددية حرة ومستقلة وذات سيادة وطنية كاملة علي جميع أراضيها وسائر ترابها الوطني , وهذا يتطلب أيضاً ضرورة تقليص وإزالة الفجوة الفكرية والثقافية والسياسية والنظامية بين المجلس العسكري وبين الشعب المصري , كما يتطلب ضرورة الربط والوحدة بين الفكر الثوري والفكر العسكري النظامي , كما يتطلب سرعة وحتمية تطبيق جميع أهداف ومطالب الثورة المصرية , كما يتطلب حواراً مجتمعياً فاعلاً ومنتجاً بين جميع فئات الشعب وجميع ميادين الثورة المصرية وذلك لترسيخ وتكريس الاستفادة من مساحات الاتفاق وكذا الاستفادة من مساحات الاختلافات الإيديولوجية والثقافية والسياسية والفكرية والاقتصادية البينية فيما بين ميادين وطوائف المجتمع المصري والتي تعتبر إثراء للحضارة المصرية القادمة بهدف النهوض بمصر وتقدمها في شتي الميادين , فاللهم إحفظ وحدتنا وترابطنا , واللهم إحفظ مصرنا الحبيبة الغالية من كل مكروه وسؤ .

أستاذ دكتور مهندس / حسن صادق هيكل
Email :hssnsadek@yahoo.com

0 التعليقات:





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق