السبت، 29 أكتوبر 2011

الثورة المصرية ... ومظاهر الدولة المستقبلية






02 يوليو, 2011

الثورة المصرية ... ومظاهر الدولة المستقبلية

الثورة المصرية ...  ومظاهر الدولة المستقبلية
إن الثورة المصرية هي ثورة الشعب المصري الكادح في معايشه واليائس في حياته والمكبود في أرزاقه والمكبل في حريته والقانط من مستقبله والصابر على معاناته ومآسيه والمتمسك بوطنه والمدافع عن تراب ومقدسات بلاده والغيور على دينه وعقيدته والمتسامح والمتعايش مع الآخرين في أمن وسلام في ظل وحدة الوطن والهدف والمصير , ولقد عاني الشعب المصري في تاريخه المديد الأمرين والعلقمين من المعاناة والمآسي , فكان أحدهما الاحتلال والغزو الاستعماري لمصر والآخر ظلم واستبداد وقهر وبطش واستعباد وقمع أنظمة الحكم وأركان دولتها الفاسدة للشعب المصري وكان أخرها نظام الحكم السابق الذي أغرق البلاد والعباد في مستنقعات الفقر والجهل والتبعية والانحلال الأخلاقي والقيمي وحالات الاحتقان والعداء الدائم بين الشعب والأجهزة الأمنية وغيرها , كما تخلي عن مسئوليات إدارة البلاد لعصابات الفساد والغش والتزوير والإرهاب الأمني وغيرها ممثلة في الحزب الوطني الحاكم وأتباعه من المنتفعين والفاسقين والفاسدين , كما سعى حثيثا لتكريس مشروع توريث رئاسة الجمهورية لنجله الذي كان هو الحاكم الفعلي والتنفيذي لمصر مما أسقط البلاد في بحور من ظلمات الفقر والجوع والخوف , وهذا ما خلق قنبلة شعبية موقوتة كان وقودها الحنق والمعاناة واليأس والإحباط والثوران والغليان والاحتقان والجوع والفقر والمرض والكبت والبطالة والغلاء وتدني الأجور وموت وفقدان الأمل في المستقبل لدي جميع أطياف الشعب المصري , وهذه القنبلة الشعبية الموقوتة والمدوية أشعلها وفجرها الشباب المصري في 25 يناير فأفرزت وأنتجت للعالم ثورة مصر الشعبية الخالدة التي أصبحت مرجعاً ثورياً لجميع ثورات العالم , كما أسقطت ثورة مصر الخالدة نظام الحكم وجميع رموزه وأعوانه الفاسدون الذين سعوا في مصر نهباً وتخريبا وتهريباً لأموال وممتلكات ومقدرات مصر , كما زلزلت ثورة مصر جميع أجهزة الأمن المصرية زلزالاً شديداً حتى غابت جميع أجهزة الأمن عن المشهد المصري بأكمله , كما جاءت القوات المسلحة المصرية لتحتضن الثورة وتحمي إنجازاتها وتساهم في تحقيق أهدافها إلا أن مظاهرة الدولة المصرية بجميع مؤسساتها قد غيبت تماماً عن المشهد المصري ومن مظاهر غياب مؤسسات الدولة ما يلي :
الانفلات الأمني الكامل في الشارع المصري .
حل جميع المجالس التشريعية والتنفيذية والنيابية والمحلية بالدولة .
غياب السلطة المدنية عن المشهد المصري .
سقوط نظام الحكم ومؤسساته الرئاسية في الدولة .
حل وإنهاء العمل بالدستور المصري .
عاصفة الاحتقان والاستعداء الاجتماعي والشعبي التي تسود المجتمع المصري .
عاصفة رياح الاتهامات والتخوين والإقصاء للآخرين التي تسود المجتمع المصري .
عاصفة الإستأثار بالثورة لفئة أو جماعة دون غيرها .
عودة جميع التيارات الدينية التي غيبت وهمشت واستهدفت واضطهدت أمنياً لعقود من الزمان من قبل أجهزة الأمن وهذه التيارات تحمل جميع ألامها وأفكارها وتوجهاتها الثأرية أو الإنتقامية أو التصالحية للمشاركة في الحياة السياسية والنيابية والاجتماعية المصرية مما يساهم في زيادة إضطرابات المجتمع المصري.
هيمنة وسائل الإعلام على المشهد السياسي والتنفيذي المصري .
الحيادية المطلقة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية القائم بإدارة البلاد حيال وتجاه جميع أحداث وتقلبات الشارع والمجتمع المصري .
التأثير البالغ والفعال لوسائل الإعلام في إدارة وتوجهات جميع أحوال وأوضاع ومشاهد المجتمع المصري السياسة والتنفيذية والمعيشية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها .
غياب جميع المؤسسات والمجالس التنفيذية والتشريعية والنيابية والشعبية في مصر .
المجتمع المصري تسوده عاصفة من حالة الإنفجار القيمي والاخلاقي والعداء الإجتماعي والإحتقان الطائفي نتمنى من الله ان تهدأ هذه العاصفة التدميرية والتخريبية .
انتشار ظاهرة الجريمة المنظمة وغير المنظمة في الشارع المصري .
إنتشار ظاهرة الإرهاب الفكري والسياسي والطائفي والمذهبي في المجتمع المصري .
الإستهداف والإستعداء للمرجعيات الدينية والعلمية والثقافية والفكرية وغيرها في المجتمع المصري .
غياب الوعي بالمسئوليات الجسام والخطيرة التي تهدد أمن مصر القومي وأمن المجتمع الغذائي والمائي والإقتصادي وغيرها لدي كثيراً من فئات المجتمع .
المجتمع المصري يموج بالتيارات والعواصف الفكرية والمذهبية والدينية والثقافية والسياسية المختلفة والمتصادمة نتمنى من الله ان يتم ترشيدها لخدمة الوطن .
المجتمع المصري تسوده عاصفة من الخلط الرهيب بين الديموقراطية والحرية من جهة وبين حالات الفوضي وحالات الإستعداء والإستهداف والإساءة للقيم والرموز الدينية والعلمية والثقافية وغيرها , وكذا إقصاء ظاهرة القدوة الحسنة في المجتمع من جهة أخري .
المجتمع يعيش حالة من الإنفلات والغياب الأمني الغير مكتمل في ظل إعادة بناء اجهزة الامن وبين المجلس العسكري الاعلي الرئاسي الذي يلتزم بضبط النفس والإبتعاد قدر المستطاع عن إتخاذ قرارات مصيرية في ظل غياب السلطة المدنية وفي ظل الرغبة العسكرية لتسليم البلاد لسلطة مدنية منتخبة نتمنى أن يتم ذلك سريعاً .
المجتمع يفور ويموج ويعتصف بالمتغيرات والتقلبات البناءة والهدامة , والرجعية والتقدمية وغيرها نتمنى من الله ان تستقر العواصف في خدمة ونهضة وبناء مصر الحديثة .
من هنا فإن مظاهر تماسك وترابط وإعادة بناء وقيام مؤسسات وهياكل الدولة المصرية على أسس تقدمية وديموقراطية حديثة ومتطورة يمثل أهم دعائم قوة وهيبة الدولة المصرية في أنظار العالم , فاللهم إحفظ وحدتنا وترابطنا , واللهم إحفظ مصرنا الحبيبة الغالية من كل مكروه وسؤ .

استاذ دكتور مهندس / حسن صادق هيكل
Email :hssnsadek@yahoo.com





0 التعليقات:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق