السبت، 29 أكتوبر 2011

ملامح نجاح الثورة المصرية




02 يوليو, 2011

ملامح نجاح الثورة المصرية


ملامح نجاح الثورة المصرية
إن الثورة المصرية لم تكن يوماً ثورة إفترائية أو ثورة عدوانية أو ثورة إضطهادية أو ثورة تدميرية أو ثورة تخريبية أو ثورة دومة أو ثورة مارقة أو ثورة إنفصالية أو ثورة إنشقاقية أو ثورة تقسيمية أو ثورة تآمرية أو ثورة إضعافية أو ثورة مصالح وأحلاف أو ثورة مغربة أو ثورة مسلحة أو ثورة فئوية أو ثورة طائفية أو ثورة حزبية أو ثورة إنقلابية أو ثورة تقويضية أو ثورة رجعية أو أنصاف ثورات بل كانت ولازالت ثورة شعبية وطنية خالصة وعادلة تطالب بالتغيير والإصلاح الدستوري والسياسي والقضائي والإقتصادي والأمني, كما تطالب الثورة بإصلاح وتغيير منظومة الحكم , كما تطالب الثورة بالحرية والكرامة والمساواة والديموقراطية والعدالة الإجتماعية, كما تطالب الثورة برفع مكانة وقيمة الإنسان المصري بين الشعوب والأمم , كما تطالب الثورة برفع المعاناة الإقتصادية والمعيشية عن كاهل المواطن المصري , كما تطالب الثورة بإستعادة مصر مكانتها الريادية والقيادية في المنطقة والعالم , كما تطالب الثورة بالمواطنة بين أطياف وتيارات وفئات المجتمع المصري , كما تطالب الثورة أيضاً بإعادة بناء المجتمع المصري من جديد على أسس عصرية متطورة ومتقدمة تحمي حقوق الإنسان وتعلي حرية الفرد والأسرة والجماعة وتحافظ على الهوية العربية والإسلامية للمجتمع المصري, كما تطالب الثورة أيضاً بتحول المجتمع المصري من مجتمع مستهلك إلي مجتمع منتج , ومن مجتمع متلقن ومقلد إلي مجتمع مبتكر ومبدع , ومن مجتمع مغلق إلي مجتمع منفتح على جميع شعوب ومجتمعات العالم , من هنا فإن ملامح نجاح الثورة المصرية يرجع إلي ما يلي :
أولاً : ملامح هيكلية لنجاح الثورة وتشمل الأتي :
إن الثورة المصرية لم يكن لها تشكيلات أو تكوينات أو هياكل تنظيمية سابقة .
إن الثورة المصرية لم يكن لها نذر أو مؤشرات أو تحذيرية سابقة لإندلاعها أو قيامها .
إن الثورة المصرية لم يكن لها قائد أو زعيم ميداني محدد المكان والزمان والأهداف والهوية .
إن الثورة المصرية لم يكن لها حزب سياسي أو تيار أيدولوجي أو طائفة دينية أو جماعة مذهبية أو جهة بعينها تدير حركتها أو تتبني أهدافها ومطالبها .
إن الثورة المصرية لم يحددها زمان البداية ولم يحصرها مكان التعبير والإحتجاجات والإنفجار والثوران , ولم يوقفها سقف المطالب .
إن هياكل الثورة المصرية هي الشعب المصري بجميع فئاته وأطيافه وتياراته وجماعاته وأحزابه ... وغيرها .
إن الثورة المصرية فجرها الشباب وأدارها وقادها الشعب المصري فكان الشعب المصري وحده هو الزعيم والقائد الميداني للثورة المصرية .
إن الثورة المصرية قادها وتزعمها وتحدث بإسمها كل مواطن مصري .
إن الثورة المصرية قد بدأت بحركة إحتجاجات شبابية محدودة العدد والأهداف والمطالب , ثم تطورت لتصبح مظاهرة شعبية واسعة في الميادين العامة , ثم إكتملت بفياضانات جماهيرية كاسحة , ثم بثورة شعبية عارمة غطت جميع محافظات ومدن وقري وميادين وشوارع مصر .
إن الشعب المصري هو من هيكل وأدار خريطة طريق عمليات الثورة المصرية في شتي محافظات ومدن وقري ونجوع وميادين وشوارع مصر .
إن نجاح الثورة المصرية يكمن في عدم تخصيص وعدم تعريف هياكل الثورة وكذا غياب الرمز والقيادة المعرفة للثورة , كما يكمن نجاح الثورة في شعبية وجماهيرية الثورة وكذا عدم تبعية الثورة لحزب أو طائفة أو تيار أو جماعة بعينها , كما يرجع نجاح الثورة أيضاً لكونها قد أصبحت قضية مصيرية وملك لكل كواطن مصري .
إن أهم أسباب نجاح الثورة المصرية يرجع إلي المفاجئة الإستراتيجية في توقيت إنفجار الثورة وسرعة تطور مراحلها وسرعة تجانس وتشكيل هياكلها , كما تكمن المفاجئة الإستراتيجية أيضاً في عدم معرفة الثوار أنفسهم أو النظام الحاكم أو أجهزة الأمن بتوقيت وزمن وحجم ومسار وخريطة طريق عمليات الثورة حتي وقف الجميع أمام أحداث الثورة في الداخل والخارج مذهولاً بعظمتها وعبقريتها حتي أصبحت تسمي "ثورة معجزات الشعوب" .
ثانياً : ملامح تكتيكية لنجاح الثورة المصرية وتشمل الأتي :
إن ثورة الشعب المصري ونهر النيل الخالد قد خلقا وخرجا من مشكاة واحدة وهي إرادة وعناية وقدرة الله تعالي ولم يكونا من صنيع أحد , فثورة الشعب المصري كونت عناصرها وهياكلها من شعب مصر حتي أصبح جميع الثوار ينتسبون لثورة الشعب المصري وليست ثورة الشعب المصري هي من تنسب للثوار أو الطوائف أو الرموز أو القادة , وهذا يحاكي نهر النيل العظيم الذي رسم خريطة مجري سريانه ولم يرسم خريطة نهر النيل أحد .
إن ثورة الشعب المصري هي من قادت وغيرت وأدارت السياسات المصرية داخلياً وإقليمياً وإفريقياً وعربياً ودولياً وليست سياسات نظام الحكم أو السياسات الخارجية هي من أدارت ثورة الشعب المصري .
إن ثورة الشعب المصري هي من روجت وأثرت وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية بأحداثها وسيناريوهاتها النادرة التي لا تبدع إلا من شعب مصر وليست وسائل الإعلام هي من روجت أو أثرت ثورة الشعب المصري .
إن ثورة الشعب المصري قد أسقطت جميع النظريات الأمنية القمعية التي تتبعها أنظمة الحكم في مصر وفي المنطقة العربية وفي العالم .
إن ثورة الشعب المصري قد أسقطت جميع أيدولوجيات ونظريات ومظاهر الخوف والإستسلام في نفوس المصريون وفي نفوس الشعوب العربية , كما أسقطت جميع مظاهر التركيع والإستذلال والإستعباد والقهر والظلم والإستبداد والطغيان والديكتاتورية التي تمارسها أنظمة الحكم العربية الفاشية المستبدة والفاسدة وجميع أجهزة أمنها القمعية ضد الشعوب العربية الأمنة والمسالمة في أوطانها .
إن ثورة الشعب المصري هي تعبيراً حقيقياً عن معاناة ومأساة المواطن المصري , كما أنها إنعكاساً جماهيرياً عن رفض الشعب المصري لأساليب ووسائل إدارة أنظمة الحكم لشئون البلاد المصرية .
إن ثورة الشعب المصري هي تعبيراً حقيقياً عن وحدة النسيج الإجتماعي المصري الرافض لمخططات وتكتيكات الطبقة الحاكمة التي سعت لتمرير وفرض مشروع التوريث لرئاسة الجمهورية ومنع تحول مصر من جمهورية رئاسية إلي جمهورية ملكية .
إن الثورة المصرية قد أسقطت جميع نظريات التوريث الجمهوري في مصر .
إن الثورة المصرية قد حولت المؤسسة الأمنية من مؤسسة حاكمة للشعب وقاهرة وباطشة ومستعبدة للمواطن المصري إلي مؤسسة مدنية عاملة في الدولة وخادمة للشعب المصري .
إن الثورة المصرية قد رسخت الوحدة الوطنية بين المسلمون والأقباط في مصر .
إن الثورة المصرية قد كرست ورسخت ودعمت الترابط والتماسك والوحدة الوطنية بين الشعب وجيشه وبين الجيش وشعبه .
ثالثاً : ملامح إستراتيجية ودولية لنجاح الثورة المصرية وتشمل الأتي :
إن الثورة المصرية قد رسخت تواصل وترابط ثقافات وحضارات مصر القديمة والحديثة .
إن الثورة المصرية قد برهنت للعالم على أن مصر دولة حضارية في الماضي والحاضر والمستقبل .
إن الثورة المصرية قد قدمت للعالم نموذجاً ومرجعاً عصرياً للحضارة الإنسانية والثورات السلمية في العالم .
إن الثورة المصرية قد أعادت تأريخ التاريخ المصري من جديد .
إن الثورة المصرية قد أعادت للأمة العربية والإسلامية ريادة وقيادة مصر لهما من جديد .
إن الثورة المصرية قد أعادت رسم خريطة المنطقة العربية والإسلامية من جديد .
إن الثورة المصرية سوف تعيد بناء الأحلاف الإستراتيجية الإقليمية في المنطقة من جديد على أسس ومعايير عادلة وليست أسس ومعايير إستعمارية أو عنصرية وطبقية .
إن الثورة المصرية قد أسقطت للأبد مشروع الشرق الأوسط العلماني الامريكي الغربي الكبير إلي مجاهل التاريخ والنسيان .
إن الثورة المصرية قد أعادت الترابط والتواصل والتآخي مع جميع الشعوب العربية والإسلامية .
إن الثورة المصرية قد أعادت للإنسان المصري كرامته وعزته في الداخل والخارج .
إن الثورة المصرية قد أعادت ثقة العالمين العربي والإسلامي في مصر من جديد .
من هنا فإن ملامح ومظاهر نجاح الثورة المصرية هي نفس ملامح وأسس وقواعد رسم خريطة طريق مستقبل مصر العصرية الحديثة والمتقدمة التي تسعي للمحافظة على هويتها العربية والإسلامية كما تسعي للتحاور الحضاري والثقافي والعلمي مع الآخرين على أسس معرفية وليست أسس إستعمارية أو توطينية لتلك الحضارات أو الثقافات المغربة , كما تسعى الثورة المصرية لإعادة توطين التكنولوجيات العصرية المتقدمة في مصر وكذا إستحضار حضارات المصريون القدماء لتحاكى بها العالم من منظور مصر العربية الإسلامية المعاصرة , فاللهم إحفظ وحدتنا وترابطنا , واللهم إحفظ مصرنا الحبيبة الغالية من كل مكروه وسؤ .
أستاذ دكتور مهندس / حسن صادق هيكل
Email : hssnsadek@yahoo.com

0 التعليقات:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق