الأربعاء، 7 فبراير 2018

مياه النيل ... ومستقبل مصر المائي

مياه النيل ... ومستقبل مصر المائي

إن نهر النيل قد إرتبط بمصر حياة وتكويناً ووجوداً , فنهر النيل لمصر بمثابة القلب من الجسد فلا تكون مصر دولة أو تحيا بدون نيلها ولا يكون النيل نهراً تجري مياهه بدون أرض مصر وربوعها , فنهر النيل هو ملهم المصريون حضاراتهم عبر التاريخ ونهر النيل هو الرابط المتين الراسخ بين المصريون وأرض مصر , ونهر النيل هو واهب مصر الحياة والخلود , لذا فإن قضايا مياه النيل تمثل أمناً قومياً وخطاً حربياً أحمر لمصر وشعبها ولا يمكن إغفالها أو تجاهلها أو معالجتها بحلول هامشية أو حلول نظرية أو حلول مظهرية أو حلول تسكينية أو حلول غير حكومية أو حلول للجان شبابية ومجتمعية وشعبية غير ملزمة وغير مكلفة من قبل الحكومات والشعوب أو حلول مركبة أو حلول إملائية خارجية أو حلول تراكمية أو حلول تهاونية أو حلول مرجأة أو حلول تأجيلية أو حلول تقايضية أو حلول تبادلية أو حلول غيبية أو حلول نظرية أو حلول تقاسمية لمصالح أحلاف إقليمية أو دولية أو حلول إقصائية أوتغيبية أو حلول تقاعسية أو حلول هزلية أو حلول تسكينية أو حلول مؤقتة أو حلول عسكرية دون حلول سياسية وقضائية وإقتصادية أو حلول ممنهجة الأحلاف المصلحية للقوي الإقليمية والدولية في المنطقة , وذلك لكون قضايا مياه النيل هي قضايا حياة أو موت وقضايا مصيرية لشعب مصر وذلك في ظل وأمام تهديدات أثيوبيا المتواصلة والدائمة لتدمير مصر وشعبها مائياً , وكذلك محاولة أثيوبيا تزعم دول حوض النيل للهيمنة والتحكم في موارد مياه النيل وإملاء السياسات والحصص المائية على دول المنابع ودول المصب ومنها مصر والسودان الشمالي والجنوبي , وهذا يعتبر تقزيم كامل لسياسات مصر الزراعية والمائية , كما يعتبر وئداً وموتاً وقتلاً وتدميراً وتصحراً وقضاءاً وشللاً وإنتحاراً سريعاً لمصر كدولة , وتهجيراً ورحيلاً وحصاراً وتجويعاً وتعطيشاً لمصر كشعب , كما أن تحركات اللجان الشعبية والشبابية المصرية في دول حوض النيل ومنها أثيوبيا هي تحركات وطنية محمودة للتقارب بين الشعب المصري والشعوب الافريقية وخاصة شعوب دول حوض النيل وأثيوبيا , كما يجب ألا تكون هذا التحركات الشعبية والشبابية المصرية تحمل نوعاً من الإلزام أو الضغط بعدم معرفة أو بغير علم على الدولة المصرية للقيام بالتنازل عن الحقوق التاريخية والابدية والمصيرية لمصر في مياه النيل وذلك نظراً لكون هذه اللجان غير مكلفة حكومياً وغير مكلفة شعبياً وكذا لكونها غير مؤهلة مهنياً وتخصصياً وسياسياً وتاريخياً وقانونياً وغيرها , كما أنها لا تمتلك ملفات التفاوض التاريخية حول مياه حوض النيل ولا تعلم الإتفاقيات والقوانين الإقليمية والدولية المبرمة بين دول حوض النيل والملزمة لكل دولة , لذا يجب على هولاء اللجان الشعبية والشبابية المصرية واللذين نقدر دورهم كثيراً جداً عدم الترويج بدون معرفة وبدون علم لحقوق دول منابع حوض النيل وفي مقدمتها أثيوبيا في بناء سدود على مصبات الأنهار بحجج أثيوبية تسكينية وسياسية ومنها التنمية ومكافحة الفقر لدول المنابع في نفس الوقت الذي تقتل فيه هذه السدود دول المصب وهي مصر والسودان وتتحكم في مصائرها وحياتها ووجودها في الحياة , لذا يجب على هولاء اللجان الشعبية والشبابية المشكورة المسعي الوطني أن تقف عند حدود تقارب وتعاون وتحاور الشعب المصري مع شعوب أفريقيا وشعوب حوض النيل وفي مقدمتها الشعب السوداني والشعب الإثيوبي , ومن هنا يجب إتباع التكتيكات الإستراتيجية التالية للتعامل مع ملف قضايا مياه النيل :
تشكيل لجان سياسية وإقتصادية وإستثمارية وتجارية وصناعية وشعبية وتكنولوجية لبناء وتفعيل سبل التعاون مع جميع دول حوض النيل والدول الأفريقية وفي مقدمتها السودان وأثيوبيا .
ضرورة تنمية وتطوير العلاقات السياسية والإقتصادية والدبلوماسية بين دول المنابع ودول المصب .
التأكيد على حق كل دولة من دول حوض النيل في قيام مشروعات تنموية وإقتصادية وإستثمارية وغيرها على موارد مياه النيل دون التعدي على حقوق سائر دول المصب وهي مصر والسودان ودون التعدي على مجري النهر وحصص موارد نهر النيل لكل دولة .
ضرورة تنمية وتطوير وزيادة معدلات موارد نهر النيل المائية وذلك عن طريق قيام مشروعات مشتركة وإعادة ترشيد وتوجيه لمياه الهضبات الإستوائية والبحيرات النيلية المهدرة في الجبال والبحار والمحيطات .
ضرورة إنشاء مشروع لربط نهر الكونغو بنهر النيل بقناة عبر السودان للإستفادة من مياه نهر الكونغو والتي تلقي أكثر من ألف مليار متر مكعب مياه سنوياً من مياه نهر الكونغو في المحيط دون الإستفادة منها .
تكريس وتدشين الإستثمارات والمشاريع الإقتصادية والزراعية والحيوانية والغذائية والنباتية والتعدينية والتكاملية والإكتفائية بين مصر والسودان والكونغو.
تشكيل لجان مصرية قضائية وجيولوجية ومائية وسياسية وقانونية لتمثيل مصر أمام المنظمات العالمية لمنع الإعتداءات على مياه نهر النيل وحماية موارد وحصص مصر من مياه النيل , فموارد نهر النيل المائية تعتبر حقاً طبيعياً ووجودياً لمصر وشعبها .
تشكيل لجان برلمانية لتمثيل مصر أمام برلمانات العالم للدفاع عن حقوق مصر المائية الطبيعية والثابتة والدائمة في موارد مياه النيل .
تشكيل لجان مصرية قانونية ودولية لرفع قضايا حقوقية للدفاع عن حقوق مصر المائية أمام منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة ومحاكم المنازعات الدولية .
لذا فإن قضايا مياه نهر النيل الخالد تعتبر خطاً حربياً أحمر يستوجب من الجيش والشعب والأمن المصريون سرعة الإنتباه والإستجابة الفورية له وعدم تأجيله أو إرجاءه لكون نهر النيل يمثل الحياة والوجود لمصر , فإذا جف النيل ماتت مصر ودفن جسدها وخرجت من سجل التاريخ , وإذا فاض النيل وتدفقت أنهاره عاشت مصر وإمتد عمرانها وأعادة مصر وشعبها كتابة صفحات التاريخ من جديد , فمن أراد جفاف نهر النيل وخروجه من خريطة مصر كأن من كان من الوجود فردأ أو شعبأ أو جيش فقد كتبوا على أنفسهم وشعوبهم جميعأ الموت والحرب والهلاك والخروج من صفحات الوجود بسواعد شعب مصر الأحرار الصامدون وجندها البواسل القاهرون خير أجناد الأرض , ومن أراد السريان والغمر والفيضان لنهر النيل عاش وفياً للنيل وقريباً من شعب مصر ومحباً للمصريون , فتعالوا جميعاً نعيد نهر النيل لمصر يجري في شرايين وربوع وقلب مصر ليبعثها الحياة والخلود , فنهر النيل لمصر والمصريون هو الموت أو الحياة والخلود .
دكتور مهندس / حسن صادق هيكل



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق